باب اللوق وحكاية عمرها 700 عام!
فى القاهرة ميادين عديدة أشهرها العباسية ورمسيس.. وهناك ميدان التحرير “الإسماعيلية”..وهناك ميدان العتبة التى كانت زرقاء!! قبل أن تصبح خضراء. ثم حملت اسم محمد على الكبير.. ثم تم اختصار كل هذا فى كلمة واحدة هى العتبة التى أصبحت “صرة مصر المحروسة” ثم باب الخلق الذى كان معروفا باسم “باب الخرق” أى الخرق الذى يخترقة الهواء.. ثم ميدان باب اللوق..
ترى ما هو هذا “اللوق” قبل أن يصير عليه باب نعرفه الآن.
ومن المؤكد أن معظم الذين يمرون الآن بباب اللوق لا يعرفون حكاية ولا سر تسميته.. وربما يتساءلون: لماذا يبقى هذا الاسم الغريب..؟!
انحسر مجرى نهر النيل واتجه غربا أكثر من مرة بداية من القرنين السادس والسابع الهجرى، قبل أن يستقر عند مجراه الحالى المعروف عند المنطقة المحصورة من مصر القديمة إلى روض الفرج إذ عندما انحسر النيل غربا ظهرت الأرض التى نعرفها الآن باسم جاردن سيتى وقصر العيني والمنيرة وميدان التحرير.. وأيضا باب اللوق..
وأرض اللوق هذه كانت تغمرها مياه النيل أيام الفيضان ثم تنحسر عنها فتتركها لينة لا تحتاج إلى “حرث” تماما مثل أراضى الصعيد “الحياض” التى كانت تغمرها مياه الفيضان شهور الصيف ثم عندما تنحسر عنها المياه تصبح أرضا صالحة تماما للزراعة وهى ما كنا نسميها الزراعة الشتوية.
** هذه الأرض اللينة كانت “تلاق لوقا” أى تبذر فيها البذور، ويضغط عليها بألواح خشبية حتى تغوص البذور داخل الأرض، التى لم تكن بحاجة إلى الرى حتى تمام نضج النبات بسبب المياه التى تشبعت بها التربة خلال شهور الغمر طوال الصيف.
وفى عام 1241 أنشأ السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب قنطرة عند باب الخرق “الخلق” ليعبر عليها من القلعة إلي الميدان الذي أنشأه فى “اللوق” وأنشأ به منظرة. وهى مكان جميل كان يجلس عليه الحاكم ليتمتع “بالمناظر الحلوة”.
وقد أنشأ الصالح أيوب ميدان باب اللوق ليلعب به –وفرسانه الجدد- المماليك البحرية الذين أسكنهم فى جزيرة الروضة – وهذا سبب تسميتهم بالبحرية على خلاف المماليك البرجية الذين سكنوا فى القلعة.. وكانت لعبتهم المفضلة هى لعبة “الأكرة” وهى عبارة عن رياضة وفروسية يمارسها الفارس وهو فوق ظهور الخيل وكان يحاول إسقاط الكرة بعد ضربها بالمضرب فى الأكر أى الحفر.. وبجانب هذه اللعبة الأيوبية –المماليك بعد ذلك- كانت ألعاب الفروسية والرماية وكان محل هذا الموقع الآن: فى ميدانى باب اللوق والأزهار. وكان لهذا الميدان سور وباب لدخول الفرسان واللاعبين والجمهور.. ومن هنا جاء اسم باب اللوق!!
**ولكن عندما أنشأ الخديوى إسماعيل نظارة الأشغال العمومية عام 1864م لتصبح أداة لتنسيق سياسته الحضرية واختار على باشا مبارك لهذه المهمة الحضارية، تقرر نقل المدابغ من اللوق فى العام التالى إلى جوار الفسطاط، أى قرب موقعها الحالى. وربما لو دقق المارة فى شارع شريف الآن النظر فى اللافتة التى تحمل هذا الاسم العزيز على كل المصريين، سوف يجد عبارة : شارع المدابغ سابقا. وشارع شريف هذا يبدأ من باب اللوق من عند الجهة الشرقية لمبنى وزارة الأوقاف ثم يصل إلى تقاطعة مع شارع فؤاد الأول -26 يوليو حاليا.
** وتم تخطيط المنطقة كلها إلى شوارع مستقيمة ومتقاطعة هى المنطقة العصرية الحالية باب اللوق والشوارع الخارجية والداخلة. وظل اسم باب اللوق.. حتى بعد أن ذهب الباب. ومن أشهر الشوارع المتفرعة : شارع “البستان” الذى أنشأه السلطان الناصر محمد المملوكى. وهو الشارع الذى بحمل الآن اسم : محمد عبد السلام عارف أحد قادة الثورة العراقية. وكان يجب أن يستمر اسم البستان لما له من تاريخ.
وفى شارع البستان هذا كان يقع قصر البستان الذى سكن فيه الأمير فؤاد قبل أن يصبح سلطانا على مصر ثم ملكا عليها. وهو القصر الذى أصبح مقرا لجامعة الدول العربية قبل أن تنتقل إلى مبناها الحالى المواجه للمقر التاريخي لوزارة الخارجية. ثم للأسف هدم هذا القصر “البستان” بعد أن أصبح مقرا للجمعيات العلمية.. وتحول هذا القصر الآن إلى جراج متعدد الأدوار على ناصية الشارع. أى ذهب القصر بعد أن ذهب البستان.. ولكن “العامة” رغم اللافتات المثبتة على نواصيه مازالوا يطلقون عليه اسم: شارع البستان وقلة هم الذين يعرفون الشارع باسم عبد السلام عارف..
** ومن ميدان باب اللوق الذى حمل فترة اسم ميدان الفلكى تتفرع شوارع لها تاريخ منها :الفلكى . نوبار . شريف . يوسف الجندى..
